حتى لو خلقنا ذبابة في المخبر سيقولون “كان يجب أن تصنعوا الذبابة من العدم، وليس من مواد كيميائية”.
ما يقوم به المتدينون هو مغالطة شهيرة جداً اسمها Ad-hoc fallacy، وهي تتلخص على الشكل التالي برواية العالم كارل سيجان:
===========================
الأول: هناك تنين في مرآبي.
———–
الثاني: حقاً؟ لنذهب ونلقي نظرة فيبدو ذلك مثيراً!
———–
ويذهبان إلى المرآب ويفتحان الباب ولا يجدان شيئاً!
———–
الثاني: أين التنين؟ أنا لا أرى شيئاً!
———–
الأول: هو تنين خفي… لا يمكن لأحد أن يراه.
———–
الثاني بعد تفكير: إذاً لنرمي الطلاء على الأرض، وعندما يمشي عليه التنين ستظهر آثاره!
———–
الأول: لكنه تنين طائر لا يلمس الأرض.
———–
الثاني بعد تفكير: إذاً لنرمي بعض الدقيق في الهواء، وبذلك سيمكننا رؤيته يطير والدقيق عليه!
———–
الأول: لكنه تنين غير مادي ولا يتأثر بالدقيق…
———–
عندها يحتار الثاني في هذا الوضع… ويتساءل: لماذا إذاً قبلت أن تحضرني إلى هنا لأرى التنين؟ وما الذي يجعلك تقبل التحدي إن كنت سترفع سقف التحدي كلما نجحت في تفنيده؟
===========================
وهذا بالضبط ما يفعله المتدينون في قصة “اخلق ذبابة”، فالتحدي لم ولن يكون خلق الذبابة، وحتى لو خلقنا الذبابة سيرفعون سقف التحدي أكثر وأكثر، وسنصل إلى ذلك السقف وسيرفعونه أكثر… وهي قصة قائمة منذ الأزل بين المختليين المتدينين وبين المثقفين المتعلمين التجريبيين الذين لا يؤمنون إلا بما عليه دليل.
وهذا نراه حتى في القرآآن، فانظر مثلاً في الآية التي تدعي أن الله فقط يعلم ما في الأرحام وينزل المطر، فالآية تقول: “إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ”
وبحسب تفسير ابن كثير: وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه [ الله ] تعالى سواه ، ولكن إذا أمر بكونه ذكرا أو أنثى، …
لكن نحن الآن نستطيع أن ننزل الغيث بتكنولوجيا التمطير، ونستطيع أن نعرف جنس المولود عن طريق السونار، بل وأيضاً نختار جنس الجنين عن طريق الفصل قبل التلقيح! فقد كسرنا تحدي الله في أكثر من موضع ومع ذلك لا فائدة!
تتحدث مع المتدين ويطلب منك تحديات ذوات أسقف أعلى وأعلى!
فنكتشف إذاً أن تحدي المتدينين للملحدين ليس أكثر من أداة للتعجيز وهرااء وليس أداة ذات أمانة الغرض منها الوصول إلى الحقيقة.
سام.


لفتة جميلة للغاية، لقد كانت هذه واحدة من الحجج التي حاججت بها أبي يوم تركت الإسلام، وكما هو متوقع، لم يكن لها أي أثر، لم يرد أبي على حجة واحدة مما قلته له ولكنه بقي مصراً على موقفه رغم ذلك، ونسي أنه كان قبلها بقليل يحدثني عن "مشكلة الملحدين" في أنهم "يقفلون عقولهم عن الأدلة"! (أي تلف في الدماغ هذا الي تسببه الأديان، يعني المؤمن لا يكتفي بازدراء كل ما يمت للعلم والمنطق بصلة، بل يلجأ -فوق ذلك- إلى المزاودة عليك بالعلم والمنطق واتهامك بأن السبب الوحيد لعدم إيمانك هو افتقارك إليهما، حقاً، إن لم تستح فاصنع ما شئت)ـ
على فكرة، أحب أن أشاركك بأن الدكتور المصري أحمد أمين (مؤلف فجر الإسلام وضحى الإسلام) يذكر في إحدى مقالات "فيض الخاطر" أن جهاز السونار أثار ضجة بين المشايخ وقت أعلن عن اختراعه وأنهم قالوا لأتباعهم السذج إن هذا لا يمكن أن يكون لأن الله وحده يعلم ما في الأرحام، ثم ماذا حدث عندما خابوا وظهر جهلهم؟ لم يعتذروا ولم تختلج شعرة واحدة في أجسادهم من الخجل، بل قالوا لنا: أنتم حقاً ظننتم أن الله قصد جنس الجنين فقط؟ بالطبع لا! بل إن الله يعرف عمره ومصيره ورزقه إلخ إلخ
على الرغم من انفجار المعرفة في القرنين الأخيرين انفجاراً غير مسبوق في تاريخ البشرية، فإن البشر لم يتمكنوا بعد من إيجاد علاج للتلف الدماغي مع الأسف
على الرغم من أن ما قد كتبته هنا هو واقعي ومنطقي لأبعد الحدود
ولا أريد أن أناقش فلسفة المسلمين من هذه الناحية
ولكن خطر ببالي سؤال : هل فعلاً الذبابة خلقها الله من لا شيء؟! بالطبع لا!
فكيف تريد أن يخلق العلماء شيء من لاشيء والله نفسه لم يستطيع!
هم الأولى بهذا التحدي ليس العلماء 🙂