من أهم الميزات التي يفتقر لها القرآن في اداعاءات الإعجاز المرتبطة به هو عدم التماسك Inconsistency، والذي يعني أنك إذا استخدمت فك الطلاسم واستخرجت أمراً تعتبره إعجازاً، فهذا الأمر سيتناقض مع أمر آخر في موضع آخر للقرآن أو قاعدة في القرآن يتبعها المسلمين أو أمر مماثل، وهذا ما لا ينتبه له دُعاة الإعجاز، وأدق تشبيه لحالة القرآن هو العربة العطلانة التي عندما تصلحها من طرف تعطل من الطرف الآخر، فأنت تستطيع أن تصلح العربة وتستطيع أن تجعلني أرى الطرف الصلحان، لكن ما إن أدرت وجهي إلى الطرف الآخر سأرى كيف أنك كسرت قطعة أخرى في العربة كي تغشني في ادعائك أن العربة كاملة وخالية من العيوب.
فيمكنك مثلاً أن تمسك موضعاً في القرآن (مثل ما في الصورة أدناه) تقول فيه أن “أنزلنا الحديد” فيها إعجاز، فلا بأس… نقول أن أنزلنا الحديد فيها إعجاز ﻷنه نزل مع السماء (تجاوزاً عن الخطأ العلمي الفادح في هذا الادعاء)، لكن هل نستطيع أن نمسك كل ادعاء قرآني يقول أن هناك ما هو “مُنزل” ونطبق الإعجاز لفحصه لنرى إن كان صحيحاً؟ وستجد أن الجواب هو لا، وستجد مثال آخر في القرآن يقول فيه “أنزلنا من الأنعام ثمانية”… طيّب لماذا تريد أن تمسك المثال الأول من الحديد وتدعي الإعجاز فيه ﻷنه “نزل” من السماء بينما لا تعتبر الادعاء الثاني حماقة من كاتب القرآن؟ ولذلك نرى أن في هذا الاختيار مزاجية واضحة غير موضوعية وغير محايدة.
مثال آخر مشهور في قصص إعجاز القرآن هو دوران الأرض وفي ذلك ادعاء الناس أن الآية “وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب” تتكلم عن دوران الأرض، ففي الكثير من آيات القرآن نسمع من المسلمين أنهم يقولون أن علينا أن لا نقطّع الآيات على مزاجنا، ويجب أن نأخذ المضمون كاملاً، لكن هل تعرف ما هي الآية التي تسبق الآية التي يدعون أنها تتكلم عن دوران الأرض؟ ما يسبق تلك الآية هو “يوم ينفخ في الصور”، أي أن الآية تتكلم عن أهوال يوم القيامة! فبأي حق يا مسلم قطّعت وقصيت ولصقت من القرآن ما تشاء لتصنع المعنى الذي تريد؟ بأي حق تطلب منا أن نكمل آية “ويل للمصلين” بينما أنت لا تلتزم بهذه القاعدة؟ وبذلك نرى مزاجية واضحة أيضاً في القص واللصق من هذه الآية.
وهذه ليست الأمثلة الوحيدة، فالقرآن مليء بهذا النوع من الافتراء والكذب والهراء، وفي الحقيقة دعاة الإعجاز من مثل زغلول النجار ماهرون في هذه الكذبات، وهم يعتمدون على عدم موضوعية المسلمين وعلى جهلهم في نفس الوقت، فالمسلم (إضافةً لكونه جاهل في معظم الأحيان) لا يقرأ الإعجاز بطريقة نقدية كما يقرؤه الملحد أو المسيحي مثلاً، بل يكتفي بالثغاء بقول “سبحان الله”، فلو بحث أي مسلم بشكل موضوعي في مواضيع الإعجاز العلمي، لأدرك أنها كلها كاذبة ولا تحمل أي قدر من الموضوعية والحيادية والمصداقية، وفيها من التحريف والتزييف والتزوير والفك والتركيب والقص واللصق ما يكفي ليجعل أي إنسان عاقل محايد يبحث عن الحقيقة يلفظ وينبذ فكرة الإعجاز العلمي من أساسها.
فلو كان الإعجاز العلمي صحيحاً، لما احتاج أحد لهذا القدر من التزييف والتزوير.
سام.

